ظاهرة قلب النون الخفيفة

ظاهرة قلب النون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين ميماً قبل الباء في الأداء القرآني ، وتوجيهه صوتياً

 

مقدمــــــــة :ـ

تعد مسألة قلب النون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين ميماً إذا تلتها الباء من الظواهر الصوتية التي أشار إليها القدماء من علماء اللغة العربية والنحو[1] [1] والقراءات [2] [2] ، فإذا وقع حرف الباء بعد هذه النون ( وكان معها في كلمة أو في كلمتين ) أو بعد التنوين ( ولا يكون إلا من كلمتين ) كما هو مقرر عند علماء التجويد وجب عندهم قلب هذه النون وما في حكمها ميماً خالصة  لفظأً لاخطا ثم إخفاء هذه الميم مع إظهار الغنة ، ويستشهدون على ذلك بقوله تعالى " أن بورك ـ النمل 8" وقوله تعالى " أنبئهم ـ البقرة 33 "وقوله تعالى "هنيئاً بما كنتم ـ الطور 19"[3] [3] . وهذا التعريف الذي نجده عند القدماء من اللغويين والنحاة والقراء ومن تابعهم من المحدثين يجعلنا أمام بعض القضايا الصوتية التي تثير بعض التساؤلات حول دقة هذا الوصف في تحليل الظاهرة في اللغة العربية عامة ، وفي الأداء القرآني خاصة ، ومدى توافقه أو اختلافه مع الواقع في ضوء بعض المعطيات الفسيولوجية والمعملية التي تحققت للدرس الصوتي الحديث .

ويحاول هذا البحث أن يجيب على هذه التساؤلات التي قد تتبادر إلى الذهن من تعريف القدماء من اللغويين والنحاة وعلماء القراءات لهذه الظاهرة ، وأن توجه ـ صوتيا ـ وفق المعطيات الصوتية والفسيولوجية التي تحققت للدرس الصوتي الحديث . 

آراء القدماء حول وجود هذه الظاهرة الصوتية في اللغة العربية وتعليلهم لحدوثها

  كما سبق من التعريف الذي أورده القدماء من علماء اللغة العربية والنحو والقراءات بين يدي هذه المسألة الصوتية نستخلص بعض القضايا الصوتية التي تحتاج إلى مزيد من التأمل والتدبر ، وذلك ليتسنى للباحث الصوتي الحديث الاقتناع بها ثم الاطمئنان بها في تفسير هذه الظاهرة الصوتية الأدائية ، ولعل من أهم هذه المسائل الصوتية التي تضمنها التعريف السابق :ـ

1 .  قلب النون الخفيفة ( الساكنة ) وما في حكمها ( التنوين ونون التوكيد الخفيفة ) ميماً خالصة لفظاً لا خطاً ـ كما يقولون ـ تعويضاً صحيحا بحيث لا يبقى أثر بعد ذلك لهذه النون الخفيفة ( الساكنة والمؤكدة والتنوين ) .

2 . إخفاء هذه الميم المقلوبة عند الباء .

3 . إظهار الغنة مع الإخفاء ، والغنة هنا صفة الميم المقلوبة لا صفة النون وما في حكمها ـ كما يقولون ـ . 

وتحتاج كل واحدة من هذه القضايا الصوتية التي عرضها القدماء بين يدي هذه الظاهرة إلى إلقاء الضوء عليها لنقف على مدى توافقها مع الحقيقة والواقع أو بعدها عنهما[4] [4] .

ففيما يتعلق بالقضية الأولى :ـ يرى القدامى من اللغويين والنحاة والقراء أن النون الخفيفة وما في حكمها تقلب ميماً خالصة إذا لقيتها الباء ـ كما سبق ـ ، ولا تشديد في ذلك القلب ، إنما هو بدل ـ عندهم ـ لا إدغام فيه ، والغنة التي كانت في النون باقية ، لأن الحرف الذي أبدل منها حرف فيه غنة أيضاً وهو الميم الساكنة ، فلا بد من إظهار الغنة في البدل كما كانت في المبدل منه ، وهذا البدل ـ عندهم ـ إجماع منهم ولم يشذ على ذلك أحد. وإنما حدث هذا القلب ـ في رأيهم ـ لصعوبة التصريح بالنون الخفيفة ( الساكنة ) وما في حكمها قبل الباء ، لأن هذه النون ـ عندهم ـ يجب إخفاؤها مع غير حروف الحلق ، والنون الخفية ليست إلا الغنة التي معتمدها الأنف فقط ، والباء معتمدها الشفة ، ويتعسر اعتمادان متواليان على مخرجي النفس المتباعدين ، فطلبت حرفاًيقلب النون إليها متوسطا بين النون والباء ، فوجدت الميم ، لأن فيه الغنة كالنون ، وهو شفوي كالباء[5] [5]

أما القضية الثانية :ـ فإن القدماء يستدركون على مسألة قلب هذه النون وما في حكمها ميماً خالصة قبل الباء تعويضاً صحيحاً بحيث لا يبقى أثر بعد ذلك لهذه النون ـ كما سبق في القضية الأولى ـ بالتأكيد على وجوب إخفاء هذه الميم المقلوبة عند النطق بها قبل حرف الباء سواء بسواء كالنطق بقوله تعالى " فاحكم بينهم ـ المائدة 48 " فيما يعرف بالإخفاء الشفوي ، ثم يؤكدون هنا على وجوب الاحتراز من كز الشفتين ( بمعنى ضمهما ) ـ كما يقولون ـ على الميم المقلوبة لئلا يتولد من كزهما أو ضمهما غنة من الخيشوم ممططة فليسكن الميم بتلطف من غير ثقل ولا تعسف[6] [6] ، وإنما حصل الإخفاء هنا دون الإظهار والإدغام مع صعوبته لأن فيه بعض الثقل لما بين المخرجين من عدم التناسب فتوصل إليه بقلب النون وما في حكمها ميماً ليسهل الإخفاء وذلك لمشاركتها للباء في المخرج[7] [7] وفي صفات الجهر والاستفال والانفتاح والإذلاق ، ومشاركتها للنون في الغنة والجهر والتوسط والاستفال والانفتاح والإذلاق أي في جميع الصفات .

القضية الثالثة :ـ إظهار الغنة مع الإخفاء ، والغنة هنا صفة الميم المقلوبة لا صفة النون وما في حكمها ، وذلك خشية أن تفقد هذه الميم صفتها الأصلية وهي الغنة ، إذ يلزم حينئذ قلب الميم باء ليحصل التماثل ، وإدغامها في الباء التي بعدها ، وهذا محذور عندهم في هذه المسألة ، يقول سيبويه في امتناع إدغام الميم في الباء : لأنهم يقلبون النون ميماً في قولهم " العنبر ، ومن بدا لك " فلما وقع قبل الباء الحرف الذي يفرون إليه من النون لم يغيروه ، وجعلوه بمنزلة النون ، إذا كانا حرفي غنة ، ولم يجعلوا النون باء لبعدها من مخرج الباء ، ولأنها ليست فيها غنة ، ولكنهم أبدلوا مكانها أشبه الحروف بالنون وهي الميم[8] [8] .

مناقشة القدماء فيما أوردوه من قضايا صوتية حول هذه الظاهرة  :ـ 

وقبل أن نقف على صحة وصواب ملاحظة القدماء ( من اللغويين والنحاة والقراء ) من عدمهما حول هذه الظاهرة الصوتية في الأداء النطقي لحروف اللغة العربية ، وما ارتأوه من تفسير وتعليل لها في النطق ، نحب أن نشير إلى أن الباحث قد قام بإجراء تطبيقي عملي على هذه الظاهرة الصوتية في الأداء القرآني ، وذلك للوقوف على مسلك النون الخفيفة ( الساكنة ) وما في حكمها إذا تلتها الباء في ألسنة بعض القراء المجيدين للقرآن الكريم ، وليتسنى لبا التعرف ـ بجلاء ـ على درجة دقة القدماء وهم يقننون قواعد التجويد القرآني لهذه الظاهرة الصوتية النطقية . 

إجراءت التجربة

 قام هذا البحث على تحليل ودراسة آيات مختارة من سورة ( آل عمران ) مما اشتمل على نون خفيفة ( ساكنة ) وما في حكمها أو ميم ساكنة وقد تلتها الباء ، مقروءة بأصوات مسجلة لثلاثة من القراء المجيدين ـ يرحمهم الله ـ وهم على الترتيب :ـ الشيخ محمد صديق المنشاوي ـ ت ـ 1969م ، والشيخ محمود خليل الحصري ـ ت ـ  1980م ، والشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد  ت ـ 1988م ، وكانت القراءة برواية حفص عن عاصم ـ يرحمهما الله ـ وعلى قراءة الترتيل ، وقد استعان الباحث على إجراء هذا التطبيق بجهاز السونا جراف ( Sona  Graph  Model  5500     ) . 

الطريقة :ـ

تم إدخال نص كل آية مختارة إلى جهاز التسجيل الخاص بصوت كل مقرىء على حدة تبعا لطريقة الإدخال المرفقة بهذا البحث ، وتمكن الباحث من الاستفادة من إمكانيات هذا الجهاز التي تتيح للباحث تحديد النص المراد دراسته وتحليله سواء أكان من جهة الزمن (  T   ) أم نم جهة التردد (    F ) ، وقد تم التركيز كثيراً  (فيما يتصل بالتردد ) ـ في هذا البحث ـ على دراسة وتحليل المعلمين ( 2 ، 3  ) لذلك الصويت الناشىء عن مجاورة النون والميم الساكنتين وما في حكمهما إذا تلتهما الباء ، وذلك للوقوف على طبيعته ومسلكه مقارنة بمعلمي الحركات الثلاث ( الفتحة والكسرة والضمة ) في اللغة العربية التي يتبعها هذا الصويت أثناء نطقه ، وقد تحصل الباحث على بعض النتائج المتعلقة بأوضاع هذا الصويت ، ودونها في مكانها من هذا البحث ، وقد قسم هذا التحليل إلى قسمين :ـ  

       أ . قياس الزمن ( T

      ب . قياس التردد ( F )


 

  أولا :ـ قياس الزمن :ـ

       

نص الآيـــــة

الصـــامت 1

 ح غ

 الصــــامت 2

المقطع (ص ح غ ص ) *

1 . بصير بالعباد

09062,

8245,

1875,

1.012

2 . أنبئكم بخير

 1406,

9988,

1312,

1.237

3 . قائماً بالقسط

 1156,

9871,

1531,

1.255

4 . من بعد

09062,

 9184,

1307,

1.130

5 . بغياً بينهم

 1343,

8836,

1531,

1.171

6. بصير بالعباد

 07500,

8055,

 1531,

9219,

7 . أمداً بعيداً

 07812,

 7749,

1125,

9653,

8 . رؤوف بالعباد

 1343,

 7933,

 1250,

9277,

9 . ذرية بعضها

 1250,

 8154,

 1187,

 1.065

10 . أنبتها

 05687,

 8468,

 1125,

 8161,

11 . مصدقاً بكلمة

 07187,

 8807,

 1031,

 91187,

12 . أنباء الغيب

 07812,

 7931,

 1031,

 9343,

13 . طيراً بإذن

 05937,

 9091,

 1093,

1.077

14 . وأنبئكم بما

 1468,

 8731,

 1039,

 1.112

15 . وجئتكم بآية

 1307,

8872,

1013,

 1.121

16 . من بعد

1125,

8684,

 1156,

 1.096

17 . عليم بالمفسدين

 1037,

 8278,

 1375,

1.071

18 . سواء بيننا

 0531,

 7684,

 1062,

 9245,

19 . من بعده

 05107,

 7002,

 1187,

 8699,

20 . من بعد

0906,

9155,

 1125,

 1.119

21 . من بعد

 0968,

9406,

 1189,

 1.152

22 . يعتصم بالله

 1413,

 9717,

 1735,

 1.146

23 . من بعد

0968,

 9403,

 1189,

 1.059

24 . آيات بينات

 1567,

 9093,

1187,

1.040

25 . يعتصم بالله

1419,

9717,

 1031,

1.186

26. فأصبحتم بنعمته

 1371,

 8559,

 1475,

 1.1409

27 . الأنبياء

 0843,

 9653,

 1379,

1.189

28 . عليم بالمتقين

 0875,

 8778,

 1312,

 1.096

29 . عليم بذات

 1312,

 9842,

 1406,

 1.250

 30. ربكم بثلاثة

 07812,

 8808,

 1562,

 1.115

31 . ربكم بخمسة

 08773,

 8656,

 1327,

 1.286

32 . قلوبكم به

 07818,

 8686,

 1375,

 1.184

33. تحسونهم بإذنه    

 07656,

8149,

 1370,

 1.1284

34. من بعد

 09687,

8808,

 1343,

 1.111

35. غماً بغم

 09687,

9218,

1468,

1.1654

36 . خبير بما

 07500,

8237,

 1593,

 1.058

37 . من بعد

 0718,

8777,

1531,

1.108

38 . عليم بذات

 0718,

9436,

1562,

1.121

39 . من بعده

 0793,

9624,

1343,

1.176

40 . بصير بما

 08437,

8106,

1531,

1.048

41. كمن باء

 1156,

8841,

1593,

1.159

42. تحسبهم بمفازة 

1250,

9219,

1437,

1.190

43. الأنبياء

 1031,

8496,

1531,

1.078

44. من بعض

1375,

 8779,

1531,

 1.137

45. يؤمن بالله

07750,

8093,

1531,

1.037

* (ص ح غ ص ) يقصد به الحرف الصحيح الساكن والحركة مع الغنة والحرف الصحيح الساكن مثل : بصير بالعباد = الراء والضمة والغنة والباء .

ثانياً :ـ قياس التردد:ـ

1 . الغنـــة مع الفتحـــــــة :ـ

نـــص الآيـــــــة

ع /ذ المكــون الثـاني ( F2   )

ع/ ذ  المكـون الثـالث ( F3   ) *

1 . قائماَ بالقسط

  840 ـ 2420 ذ/ث

 2520 ـ 3020 ذ/ث

2 . أمداَ بعيداَ

  960 ـ 2120 ذ/ث

  2640 ـ 3240 ذ/ث

3 . ذريةَ بعضها

  920 ـ 1880 ذ/ث

  1980 ـ 3060 ذ/ث

4 . وأنبتها نباتاَ

  920 ـ 1680 ذ/ث

  1920 ـ 2800 ذ/ث

5 . مصدقاَ بكلمة

  880 ـ 1680 ذ/ث

  1860 ـ 2720 ذ/ث

6 . من أنباء الغيب

  980 ـ 1760 ذ/ث

  1980 ـ 2680 ذ/ث

7 . طيراَ بإذن

  840 ـ 1200 ذ/ث

  1840 ـ 2420 ذ/ث

8 . غماَ بغم

  820 ـ 1960 ذ/ث

  2080 ـ 3400ذ/ث

9 . كمن باء

   940 ـ 2080ذ/ث

  2420 ـ 3080 ذ/ث

10 . أمواتاَ بل أحياء

  920 ـ 2080 ذ/ث

  2040 ـ3060 ذ/ث

11 . وقتلهم الأنبياء

  1040 ت 1760 ذ/ث

  2080 ـ 3040 ذ/ث

 

2 . الغنــــة مع الكســـــرة :ـ

 نـــص الآيــــــة

ع / ذ المكـون الثـاني   (  F2 )

ع /ذ المكون الثالث  ( F3    )

1 . إلا مـن بعــد

 920 ـ 2080 ذ/ث

 2380 ـ 2600 ذ/ث

2 . مـن بعـــد  

 920 ـ 2080 ذ/ث

 2520 ـ 3560 ذ/ث

3 . ســواءٍ بيــننا

  940 ـ 2060 ذ/ث

  2440 ـ 3260 ذ/ث

4 . مــن بعد ذلــك

  1200 ـ 1720 ذ/ث

  2080 ـ 2520 ذ/ث

5 . مــن بــعد

  940 ـ 2080 ذ/ث

  2300 ـ 3560 ذ/ث

6 . آيــات بيــنات

  920 ـ 2000 ذ/ث

  2380 ـ 2650 ذ/ث

7 . مـن بــعد

 960 ـ 1950 ذ/ث

  2520 ـ 3480 ذ/ث

8 . مـن بـعد ما أراكــم

  940 ـ 1800 ذ/ث

 2020 ـ 3080 ذ/ث

9 . مـــن بعـــد

  980 ـ 2060 ذ/ث

 2380 ـ 2600 ذ/ث

10 . مــن بعــده

  920ـ 2040 ذ/ث

  2480 ـ 3360 ذ/ث

11 . مــن بعـــد

 940 ـ 2060 ذ/ث

 2800ـ 3360 ذ/ث

12 . مــن بعــض

 1080 ـ 2240ذ/ث

2600 ـ 3280 ذ/ث

 

3 . الغـــــنة مع الضـــمـة :ـ

 نــــص الآيــــــة

 ع / ذ المكـون الثـاني  (  F2       )

ع / ذ  المكـون الثـالث (  F3    )

1 . بصير بالعباد

 840 ـ 1160 ذ/ث

 1440 ـ 2440 ذ/ث

2 . رؤوف بالعباد

 840 ت1240 ذ/ث

 1420 ـ 2420 ذ/ث

3 . جئتكم بـه

 820 ت1220 ذ/ث

 1340 ـ 2560 ذ/ث

4 . وأنبئكم بمــا

 840 ـ 1220 ذ/ث

 1360 ـ 2620 ذ/ث

5 . آيـات بينــات

 920 ـ 2040 ذ/ث

 2120 ـ 2560 ذ/ث

6 . وجئتكـم بــآية

 860 ـ 1180 ذ/ث

 1440 ـ 2640 ذ/ث

7 . فأصـبحتم بنعمــته

 560 ـ 1360 ذ/ث

 2240 ـ 2880 ذ/ث

8 . عليــم بالمتقــين

 860 ـ 1200 ذ/ث

 1960 ـ 2800 ذ/ث

9 . ربـكـم بثـلاثة

 520 ـ 1240 ذ/ث

 2040 ـ 2880 ذ/ث

10 . ربكــم بخمسـة

 540 ـ 1280 ذ/ث

 2060 ـ 2920 ذ/ث

11 . قلــوبكم بـه

 680 ـ 1240 ذ/ث

 1440 ـ 2960 ذ/ث

12 . تحســونهم بـإذنه

 520 ـ 1200 ذ/ث

 2080 ـ 2840 ذ/ث

13 . عليــم بـذات

 520 ـ 1280 ذ/ث

 2000 ـ 2840 ذ/ث

14 . بصـير  بمــا

 760 ـ 1920 ذ/ث

 2120 ـ 2880 ذ/ث

15 . أنبئكم بخــير

 840 ـ 1280 ذ/ث

 1560 ـ 2940 ذ/ث

* ع/ذ يقصد به عدد الذبذبات .

وتشير هذه الدراسة التطبيقية لمسلك هذا الصويت الناشىء عن مجاورة النون الساكنة وما في حكمها للباء عند النطق إلى أن الانطلاق الأنفي للصويت الصاعد من التجويف الحنجري حينئذ يشبه ذلك الانطلاق الذي يحدث مع الحركات في خروجه كله دون مقاومة تذكر من أعضاء النطق في الفم والشفتين والتجاويف الأخرى ، وبناء عليه فإن الصور الطيفية لهذا الصويت حينئذ تظهر حزما تكوينية في المعالم تشبه إلى حد ما معالم الحركات لولا ما يميز بينهما من اختلاف يسير في المواقع وعدد الذبذبات لكل مكون . وتوضح النتائج المرفقة بهذا البحث أن عدد ذبذبات المعلمين الثاني والثالث ( موضوع الدراسة و التحليل ) لهذا الصويت عند مجاورته للباء في النطق عالية التردد ، وهي تشبه في تكونها تلك الحزم التكوينية التي تكون للحركات ( حروف المد ) في النطق مع الميل إلى تسريب قدر كبير من الصوت الصاعد من التجويف الحنجري عبر التجاويف الأنفية لئلا يفقد كما فقد هذا الصويت مخرجه من الفم ، ونتبين ذلك من هذا الجدول :ـ

نـوع الــحركة

م/ع  للــــزمن  *

م/ع للمكون الثـاني ( F2   ) 

م/ع للمكون الثـالث (  F3    )

حرف المد الطبيعي ( الألف )

     2668,

 1340 ـ 1960 ذ/ث

 2080 ـ 3020 ذ/ث

حرف المد الطبيعي ( الياء )  

  2690,

 1980 ـ 2520 ذ/ث

 2540 ـ 3080 ذ/ث

حرف المد الطبيعي ( الواو )

   2730,

520 ـ 1240 ذ/ث

 2140 ـ 2560 ذ/ث

الغنة المسبوقة بفتحـة

   8795,       

   900 ـ 1900 ذ/ث

 2150 ـ 3200 ذ/ث

الغنة المسبوقة بكسـرة          

 8039,

  940 ـ 2000 ذ/ث

 2200 ـ 3140 ذ/ث

الغنة المسبوقة بضمـة

 8570,

700 ـ 1330 ذ/ث

 1800 ت 2700 ذ/ث

* يقصد بـ ( م/ع ) المتوسط العام.

وبمقارنة عدد ذبذبات المكون الثاني لصويت الغنة مع كل حركة تسبقه ( فتحة أو كسرة أو ضمـة ) نجد اختلافا ملحوظا بين قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات هذا المكون لصويت الغنة يتوافق إلى حد ما مع نوع الحركة التي تسبق هذه الغنة في النطق ، فهو مثلا مع حركة الفتحة ما بين 900 ـ 1900 ذ/ث ، وهذه القيمة قريبة جدا من قيمة المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون نفسه لحرف المد الألف ( المد الطبيعي ) حيث يقع ما بين 1340 ـ 1960 ذ/ث ، وهي مع الكسرة ما بين 940 ـ 2000 ذ/ث ، وهذه القيمة قريبة جدا في التردد الأعلى لها من قيمة المتوسط العام لحرف المد الياء ( حرف المد الطبيعي ) في المكون نفسه في تردده الأعلى كذلك ؛ إذ وقع ما بين 1980 ـ 2520 ذ/ث ) ، ونجدها مع حركة الضمة ما بين 700 ـ 1330 ذ/ث وهي قريبة من قيمة  المتوسط العام لحرف المد الواو ( حرف المد الطبيعي ) الواقع ما بين 520 ـ 1240 ذ/ث . وما قيل عن تقارب قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثاني لصويت الغنة مع عدد ذبذبات المكون نفسه مع الحركات ( حروف المد ) يقال كذلك عما حدث من تقارب بين قيم البمتوسط العام لصويت الغنة في المكون الثالث وقيم المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثالث لهذه الحركات أيضا ، فقد بلغت قيمة المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثالث لصويت الغنة مع الفتحة ـ مثلا ـ ما بين 2150 ـ 3000 ذ/ث وهي قريبة في القيمة ـ إلى حد ما ـ من المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثالث للحركة الذي يقع ما بين 2180 ـ 3020 ذ/ث ، وتقاربت قيمة المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون نفسه مع حركة الكسرة فقد بلغت قيمة المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثالث لصويت الغنة مع الكسرة ما بين 2200 ـ 3140 ذ/ث ، وهذه القيمة قريبة جدا من قيمة المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثالث لحرف المد الياء ( حرف المد الطبيعي ) حيث بلغت ما بين 2540 ـ 3080 ذ/ث ، كما بلغت قيمة المتوسط العام لهذا الصويت مع حركة الضمة في عدد ذبذبات المكون الثالث ما بين 1800 ـ 2700 ذ/ث ، وهو ما يجعلها قريبة شيئا ما من قيمة المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثالث لحرف المد الواو ( حرف المد الطبيعي ) الواقع ما بين 2140 ـ 2560 ذ/ث ـ كما يبينه الجدول المرفق مع هذا البحث ـ ، ويعود جزء من الاختلاف اليسير بين هذه القيم في عدد ذبذبات المتوسط العام للمكونين الثاني والثالث لصويت الغنة مع كل من الألف والياء والواو  ( حروف المد ) إلى طبيعة الاختلاف بين قيم عدد ذبذبات المتوسط العام لحروف المد نفسها من  ناحية ، وقيم المتوسط العام لصويت الغنة الواقع إثرها ، فهي تتشابه ـ إجمالا ـ في قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات هذين المكونين ؛ إذ يلاحظ من صور المطياف لهذه الأصوات وجود حزم تكوينية في المعلمين الثاني والثالث ( موضوع الدراسة والتحليل ) متشابهة إلى حد بعيد مع الفرق في أوضاعها نتيجة لوضع الفم واللسان والشفتين مع كل واحد منها أثناء النطق ؛ حيث نلاحظ إنخفاض أو زيادة قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات بعض المكونات في صويت الغنة  عن قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات مكونات بعض الحركات نتيجة لهبوط الطبق ( الحنك العلوي ) أو ارتفاعه بسبب حالة التهيؤ للفم واللسان والشفتين عند النطق بحرف الباء التالي لهذا الصويت من ناحية ، وللحرص على إبقاء الفم والشفتين في حالة انفتاح ، واتخاذ اللسان حينئذ وضعا محايدا غالبا مع جريان الصويت من التجويف الأنفي أحيانا أخرى ، ولأجل ذلك نرى في الجدول المرفق تفاوتا ملحوظا في قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثاني والثالث لصويت الغنة ـ زيادة أو نقصا ـ مقارنة مع المتوسط العام لعدد ذبذبات هذين المكونين لحروف المد تبعا لاتساع مجرى الصوت في الفم حالة النطق بهذه الأصوات أو ضيقه إلا أن قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثالث لصويت الغنة ـ كما نراه في الجدول ـ يزيد على قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون نفسه في الحركات ، وذلك يعود إلى انخفاض الطبق العلوي ( الفك ) ـ كما سبق ـ مما يسبب زيادة في التوتر وضيقا في المجرى الفموي عند تسرب الصوت من الفم ، وذهاب الجزء الأكبر منه إلى الخارج عبر التجويف الأنفي مما يسمى بصويت الغنة . وأظهرت هذه الدراسة التجريبية التي ركزت على صويت الغنة عند النطق بالنون الساكنة وما في حكمها ـ بمجاورة حرف الباء من خلال دراسة وتحليل المعالم التكوينية لهذا الصويت مقارنة بتلك المعالم التكوينية التي تكون لحروف المد ا (لحركات الطويلة ) في اللغة العربية مدى التقارب بينها في المسلك الأدائي ؛ إذ تبدو مكوناتها ( وخاصة في المعلمين الثاني والثالث موضوع الدراسة والتحليل ) على هيئة خطوط مستقيمة داكنة تبدأ بمحاذاة الخط الأفقي منطلقة في تتابع سلس مع مكونات الحركات التي تكون قبلها فلا نكاد نرى عوائق أو فجوات تفصل بينها ، ثم تتدرج معالمها التكوينية بعد ذلك مميزة بين أوضاعها المختلفة ، وكلما زاد اتساع المجرى الصوتي في الفم أو ضاق نتج عنه زيادة أو نقص في عدد ذبذبات المكون ـ كما سبق ـ ، وينشأ عن ذلك ظهور المكون داكنا أو أقل دكنة ، فمع زيادة عدد ذبذبات المكون تزداد دكنة المعلم ، ومع انخفاضها تقل درجة هذا المعلم دكنة ، وهذا هو شأن معالم الحركات الثلاث ( حروف المد ) في اللغة العربية حيث تبدو مكونات الحركات على شكل خطوط داكنة مستقيمة تبدأ بحاذاة الخط الأفقي ، وكلما زاد عدد ذبذبات المكون في الحركة كلما ظهر أكثر دكنة ؛ ولذلك يبدو المكون الثاني والثالث في الكسرة الطويلة أكثر دكنة منهما في كل من الفتحة والضمة الطويلتين بسبب زيادة عدد ذبذبات هذين المكونين في الكسرة الطويلة عنهما في الحركتين الطويلتين الأخريين نتيجة ابتعاد تجويف الشفتين عن بعضهما ، واضطجاع الحنك السفلي إلى الأسفل عند النطق بهذه الحركة الطويلة . كما يلاحظ أن عدد ذبذبات المكون الثاني في الضمة الطويلة أقل من عدد ذبذبات المكون نفسه في كل من الكسرة والفتحة الطويلتين ، ولعل جزءا من ذلك يحدث نتيجة الوضع الذي يتخذه الفم وارتفاع مؤخرة اللسان إلى الحنك الأعلى الرخو مقارنة بوضعه مع الحركتين الطويلتين الأخريين واستدارة الشفتين عند النطق بهذه الحركة الطويلة ( الضمة ) . ويلاحظ من صور المطياف لصويت الغنة مع النون الساكنة وما في حكمها إذا تلتها الباء في النطق اتصال معالمه التكوينية ( الثاني والثالث موضوع الدراسة والتحليل ) مع تلك المعالم التكوينية للحركات السابقة له ( فتحة أو كسرة أو ضمة ) دون وجود فواصل أو عوائق تحول دون الاستنتاج أن هذا الصويت يعد امتدادا لهذه الحركات ، واستمرارا طبيعيا لمسلك التجاويف الواقعة فوق المزمار عند النطق بهذه الحركات مع اختلاف يسير جدا في أوضاعها المميزة ـ كما سبق ـ ، ويضاف إلى ذلك أن مقارنة قيم عدد ذبذبات المكونين الثاني والثالث لصويت الغنة مع النون الساكنة والتنوين مع المكونين نفسيهما للميم الساكنة إذا تلتها الباء فيما يسمى عند القراء الإخفاء الشفوي حينئذ للميم الساكنة أظهر ما يلي :ـ

 

 

 

 

الغـنة مع الميم السـاكنة إذا تلتها البـاء

م /ع   للمكـــون الثــاني   (F2  )

م /ع    للمكــون الثــالث (  (   f3

المـيم السـاكنة مضمـوم ما قبلــها

      900 ـ 1170 د/ث

   1970 ـ 2570 د/ث

الميـم السـاكنة مكسـور ما قبلــها

    960 ـ 1480 د/ث

    1960 ـ 2460 د/ث

الميـم السـاكنة مفتـوح ما قبلــها

    1020 ـ 1520 د/ث  

    1980 ـ 2400 د/ث

 

نستنتج من هذا الجدول أن المتوسط العام لعدد ذبذبات المكونين الثاني والثالث لصويت الغنة مع الميم الساكنة الواقعة إثر الحركات الثلاث ( الفتحة والكسرة والضمة ) في اللغة العربية إذا تلتها الباء يختلف إلى حد بعيد عن المتوسط العام لعدد ذبذبات هذين المكونين لصويت الغنة مع النون الساكنة وما في حكمها الواقعة إثر الحركات الثلاث أيضا إذا تلتها الباء مما يجعلنا نميل إلى أن قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات هذين المكونين لصويت الغنة مع الميم الساكنة إذا تلتها الباء ليست متشابهة مع قيم المتزسط العام لعدد ذبذبات هذين المكونين في الحركات كما يعرضه الجدول السابق ـ فعلى الرغم من تقارب لبعض قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات المكون الثاني والثالث لصويت الغنة في الميم الساكنة الواقعة إثر الحركات الثلاث في اللغة العربية ( الفتحة والكسرة والضمة ) إذا تلتها الباء من بعض قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات المكونين نفسيهما في حروف المد ـ كما نرى ذلك في المتوسط العام لعدد ذبذبات المكونين لصويت الغنة في الميم الساكنة الواقعة بعد ضم إذا تلتها الباء إلا أن هناك خلافا كبيرا بين قيم المتوسط العام لعدد ذبذبات هذين المكونين في صويت الغنة لهذه الميم حينئذ مقارنا بتلك القيم في المتوسط العام لعدد ذبذبات المكونين نفسيهما لحرفي المد ( الألف والياء ) فقد بلغ متوسطهما العام في المكونين ( الثاني 1340 ـ 1960 ذ/ث  و  1980 ـ 2520 ذ/ث )  والثالث  ( 2180 ـ 3020  ذ/ث و 2540 ـ 3080 ذ/ث ) بينما بلغ المتوسط العام لمكوني صويت الغنة للميم الساكنة إذا تلتهما الباء وفتح ما قبلها حوالي ( 1020 ـ 1520 ذ/ث و 1960 ـ 2460 ذ/ث ، أو كسر حوالي 960 ـ 1480 ذ/ث و 1960 ـ 2460 ذ/ث ) . كما يلاحظ على صور المطياف لصويت الغنة في الميم الساكنة إذا تلتها الباء وجود انقطاع في السلسلة الكلامية بين مكونات المعالم للحركات الثلاث ( الفتحة والكسرة والضمة ) السابقة لهذه الميم مما جعلت الباحث يعيد التجربة على النصوص مرات عديدة ، وقد تبين للباحث أن هذا الانقطاع يمثل تكون معالم حرف الميم الساكنة في قراءات هؤلاء القراء المجيدين الذين أخضعت قراءاتهم للدراسة والبحث ، وقد استعان الباحث على إثبات ملاحظته هذه بتتبع آثار هذا الانقطاع في السلسلة الكلامية ، وبوضع السهمين اللذين زود بهما الجهاز الصوتي على حدود هذه الآثار ثم إعادة قراءة هذه الآثار بالاستعانة بجهاز التسجيل الموجود في هذا الجهاز الصوتي الذي يعيد قراءة ما بين السهمين ، واستنتج الباحث أن هذا الانقطاع بين مكونات الحركات الثلاث ( الفتحة والكسرة والضمة ) السابقة لهذه الميم الساكنة ومكونات صويت الغنة لهذه الميم يجعلنا نميل إلى أن اختفاء مكونات هذه الميم الساكنة إذا تلتها الباء في قراءة هؤلاء القراء الذين أخضعت قراءاتهم للدراسة والتحليل لم يكن تاما ، بمعنى فناء مخرج الميم من الفم وإبقاء صفته فقط ـ كما هو الشأن مع النون الساكنة وما في حكمها إذا تلتها الباء ـ وإنما هناك وجود ما للمكونات الفموية لهذا الحرف ، وأن ما بعده من مكونات صويت الغنة هي امتداد له ، وليست للحركات السابقة له ، وقد بلغ المتوسط العام للمدة الزمنية لهذا الانقطاع في السلسلة الكلامية بين معالم الحركات السابقة لهذه الميم الساكنة ومكونات صويت الغنة الناشىء عن هذه الميم إذا تلتها الباء حوالي ( 1379 ذ/ث ) ـ كما بينته بعض صور المطياف المرفقة ـ . ومما زاد في احتمال وجود المعالم التكوينية الفموية لهذه الميم ، وأنها ليست فقط صويت غنة تتبع الحركة التي قبلها إذا تلتها الباء ـ كما هو الحال في النون الساكنة وما في حكمها ـ اختلاف قيم المتوسط العام لزمن صويت الغنة في النون الساكنة وما في حكمها إذا تلتها الباء مع قيم المتوسط العام لزمن صويت الغنة في الميم الساكنة حينئذ وذلك في أمثال المقطع الصوتي ( ص ح  ص ) من قوله تعالى "من أنباء الغيب ـ آل عمران 44 " و قوله تعالى " أؤنبئكم بخير ـ آل عمران 15 " = ( أنب / و / كمب ) على النحو التالي :ـ

المقطع الصوتي ( ص ح ص ) في النون الساكنة والتنوين

   عـــــــدد العيـــــــنات

 المجمـــــــوع

 المتوســـــــط العـــــــــام

أنــباء الغيب =  أنــب

             36

        37.332  

          1.037

 

                              مقارنــــــــة بــــــ:ـ

المقطع الصوتي ( ص ح ص ) في الميــم الســاكنة

عـــــــــدد العينـــــــات

  المجمـــــــوع

 المتوســــــــط العــــــــام

 أؤنبئـكم بخـير = كمب

           11

       12.8449

       1.167

 

ولدى إجراء اختبار ( F . test   ) للفروق بين العينات اتضح أن هناك فارقا ذا أهمية بين القيمتين يعتد به في مثل ذلك ، وكان ذلك بزيادة تقدر بحوالي (0.4530)  للميم الساكنة إذا جاورتها الباء على النحو التالي :P > 005     ، 14.852 = ( 4530, ) F   .  وهو ما يعني أن الافتراض بوجود مقطع صوتي من نوع ( ص ح ص ) في قوله تعالى " أؤنبئكم بخير ـ آل عمران 15 " يقتضي إلغاء مخرج الميم الساكنة الفموي ، وإبقاء صفتها الأنفية فقط سواء بسواء مثل النون الساكنة وما في حكمها إذا تلتها الباء في مثل قوله تعالى " من أنباء الغيب ـ آل عمران 44 " ذات المقطع الصوتيالمتوسط المقفل ( ص ح ص ) ليس دقيقا ، بل هناك معالم تكوينية فموية أنفية للميم الساكنة إذا تلتها الباء بحيث تجعلها مع مكوناتها الأخرى ـ صوتيا ـ من نوع المقطع الصوتي الطويل المقفل الثقيل ( ص ح ص ص ) ، بخلاف تلك الحقيقة الصوتية والحكم التجويدي للنون الساكنة و ما في حكمها حينئذ حيث تفقد النون الساكنة والتنوين مخرجها الفموي ، وتبقى صفتها الأنفية فقط ثم ينطق بالباء مما يجعل السامع يتوهم بتكون معالم الميم الساكنة حينذاك وليس الأمر ـ في رأينا ـ كذلك ـ وهو ما سبقت الإشارة إليه ـ ، فإذا نظرنا إلى أقوال القدماء من علماء اللغة العربية والنحو والقراءات في ضوء ما عرضناه سابقا من نتائج نجد أن ما قالوه من قلب النون الخفيفة ( الساكنة ) وما في حكمها ميما إذا تلتها الباء … إلخ ، وما قدموه من تعليل للتأكيد على حدوث هذه الظاهرة الصوتية في اللغة عامة والأداء القرآني خاصة غير مسلم به جملة ؛ إذ يفترض أن هذا الإجراء الصوتي قد حدث حقيقة في الأداء السياقي ، ولكنه ـ في رأي الباحث ـ لم يحصل ألبتة على النحو الذي أقروه واتفقوا عليه ، ولم يشذ منهم أحد . ولكي نقف على حقيقة هذه الظاهرة الصوتية يتوجب علينا أن ننظر أولا إلى طبيعة هذه النون التي يحدث فيها مثل هذا القلب .    تشير أقوال القدماء من علماء اللغة العربية والنحو والقراءات إلى أن هذه النون هي النون الخفيفة ( أي الساكنة ) ، وهي نون الغنة ، ومخرجها عندهم الخيشوم ، وهي بذلك تختلف عن حرف النون يقول الداني :ـ مخرج التنوين من الخياشيم خالصا ، وكذا تخرج النون الساكنة المخفاة عند حروف الفم نحو " منك ، وعنك " من الخياشيم ، فأما النون المتحركة فمخرجها من الفم  مع صويت من الأنف [9] [9] ويقول ابن الجزري : مخرج الخيشوم للغنة وهي تكون في النون والميم الساكنين حال الإخفاء أو ما في حكمه من الإدغام … أما قول سيبويه : إن مخرج النون الساكنة من مخرج النون المتحركة فإنما يريد به النون الساكنة المظهرة[10] [10] . وسيبويه نفسه يجعل للنون المتحركة مخرجا خاصا بها ، ويجعله من طرف اللسان بينه وبين ما فويق الثنايا[11] [11] . وخلاصة القول أن هذه النون الخفيفة ( الساكنة ) المخفاة التي نجدها قبل حرف الباء في هذه الظاهرة الصوتية الأدائية هي نون الغنة ، ومخرجها وصفتها واحد ، وتعد فيها الغنة صفة ذاتية مميزة وليست محسنة فقط ، وهي تلزمها ولا تنفك عنها في حالات نطقها جميعا . فنحن إذن بإزاء وضعين للنون تحث عنهما القدماء ، وأشاروا إليهما وإن قصرت بعد ذلك ـ في رأينا ـ معالجتهم لهما في الأداء النطقي : ـ وضع مشخص للنون يجعل لها مخرجا من الفم يتحقق به جسدها وأصل بنيتها ، وصفة من الخيشوم تكسب صوتها رنينا وحسنا في السمع . ووضع آخر يجعل للنون مخرجا وصفة في آن واحدمن الخيشوم ، ولا عمل للسان فيه فيقتصر في تسربه إلى خارج على المجرى الأنفي . والنون المتحركة أو المظهرة يتم نطقها من الفم عن طريق التقاء عضو ناطق ( وهو طرف اللسان ) بموضع نطق ( وهو أصول الثنايا ) التقاء غير محكم مع تسرب جزء من الصوت الصاعد من التجويف الحنجري عبر الأنف ، ويتوزع في الوقت نفسه الصوت الصاعد من التجويف الحنجري معها فيما بين الفم والخياشيم ، وبذا يكون هناك عمل للسان في الفم ، وعمل في الخياشيم . أما النون الخفيفة ( أي الساكنة ) المخفاة فيتوزع الصوت الصاعد معها من التجويف الحنجري إلى الخارج من الخيشوم فقط فلا يكون معها عمل للسان ، وهذا ما عبر عنه بعض القدماء إذ أشاروا إلى أنه عند النطق بالنون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين مع حروف الإخفاء لا حظ لهما معهن في الفم لأنه لا عمل للسان فيهما كعمله فيهما مع ما يظهران عنده أو يدغمان فيه بغنة ، وإنما مخرجهما من الخيشوم . فحقيقة الإخفاء ـ عندهم ـ أن يبطل عند النطق به ( النون الخفيفة أي الساكنة والتنوين ) الجزء المعمل من اللسان ؛ لأنه لا حظ لها معه في الفم ولا عمل للسان فيها حينئذ فلا يسمع إلا صوت مركب على الخيشوم . بل صرح بعضهم أن خروج النون من طرف اللسان والميم من بين الشفتين يحصل فقط في حال إسكانهما مع الإظهار أو تحريكهما ، أما في حال الإخفاء والإدغام بغنة فإن مخرجهما يتحول من مخرجه الأصلي إلى الخيشوم . ولست أفهم بعد كل ما سبق من أقوال للقدماء من اللغويين والنحاة والقراء كيف تم قلب النون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين ميما في النطق إذا لقيتها الباء ، وهي غير موجودة حقيقة حسب أقوالهم بل فقدت هذه النون والتنوين مخرجها الفموي الذي هو طرف اللسان عند التقائه بأصول الثنايا ، وبقيت صفتها الذاتية المميزة والمحسنة وهي الغنة . وهي صويت يؤتى به من الخياشيم منطوقا بين يدي الحرف التالي ، ويتفاوت كمه الزمني على قدر درجة قرب ذلك الحرف التالي لها أو بعده عنها ، فالأبعد زمن الغنة معه أطول أي يكون معه خفاء قليلا لا خفاء كثيرا ، وفيما سبق من حديث غناء من إعادته هنا .  أما القضية الثانية وهي مسألة التأكيد على وجوب إخفاء هذه الميم المقلوبة عند النطق بها قبل حرف الباء سواء بسواء كالنطق بالميم في قوله تعالى " فاحكم بينهم ـ المائدة 48 " ؛ فإنني أرجح أن القدماء من علماء اللغة العربية والنحو والقراءات قد شعروا ببعض الاضطراب وهم يصفون هذه النون ، ولهذا فقد اعترى وصفهم لها شيء من الخطل وعدم الوضوح ، ففي حين نجدهم يصرحون بأن هذه النون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين مخرجهما الخيشوم ، يؤكدون قلبهما وتحويلهما ميما مع الباء من أجل مؤاخاة الميم للنون في الغنة ومشاركتها للباء في المخرج فقلبا ميما خالصة من غير إدغام من أجل ذلك ، بل يحكون الإجماع من أهل الأداء ( وهم القراء ) على إظهار الغنة حينئذ فيصير في الحقيقة إخفاء الميم المقلوبة عند الباء ، ويصبح من السهل عندهم الجمع بين متناقضين ، إظهار غنة الميم المقلوبة عن النون والتنوين مع إخفائها ، ويضعون لذلك عدة محاذير لا ينبغي إتيانها عند الأداء من أمثال عدم كز ( ضم ) الشفتين على الميم المقلوبة لئلا يتولد من كزهما غنة من الخيشوم ممططة فليسكن الميم بتلطف من غير ثقل ولا تعسف ، وكذلك الحكم بعينه في إخفاء الميم الساكنة قبل الباء نحو قوله تعالى " فاحكم بينهم ـ المائدة 48 " . والرأي عند الباحث أن ما أتى به القدماء في هذه المسألة هو العسر والكلفة والثقل بعينه ، فأي عسر وثقل أعظم من تحرص على إظهار الغنة التي هي صفة للميم المقلوبة لا صفة النون الخفيفة ( الساكنة ) وما في حكمها ، وفي الوقت نفسه تعمل ما وسعك الجهد على أن تخفيها حتى لا تظهر ؟ . وأي مشقة أكبر من أن تلفظ بهذه الميم المقلوبة كلية من النون بدون باق بتلطف من غير كز ( ضم ) الشفتين لئلا يتولد من ضمهما غنة من الخيشوم ؟. وإذا تحقق هذا الأمر الصعب ـ وأظنه لن يتحقق ـ إلا الفئة قليلة من أهل الأداء ، فكيف نعمل بالكثرة الكاثرة من أبناء هذه اللغة وغيرهم ممن يرغبون في إجادة أصوات اللغة العربية في عموم الوطن الإسلامي ليتسنى لهم تلاوة القرآن الكريم كما أنزل ؟ . والحق الذي يمكن أن يتبع في هذه المسألة ، والذي تشهد له التجارب المعملية التي أجراها الباحث في هذا الشأن ـ كما رأينا فيما سبق ـ ، ويؤيده الأداء السليم ، أن هذه الميم المقلوبة ـ كما يزعمون ـ من النون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين لا وجود لها في الحقيقة والواقع . وما يتوهم أنه ميم مقلوبة في هذه الحالة ما هو إلا تزامن نطق بصوت الغنة التي هي الصفة المشخصة للنون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين ، وهو باق معها ، وحرف الباء التالي لها ، فيخيل للسامع أن هناك ميما مقلوبة من هذه النون وقعت قبل الباء ، فالمسألة ـ في رأي الباحث ـ إنما هي حالة تزامن في النطق بصوت الغنة الخارج من الخيشوم وحرف الباء الخارج من الشفتين بعد إطباقهما ؛ إذ يبدأ النطق بصوت الغنة الملازم للنون بعد فقدها المخرج وينعم بيانه لئلا يضيع فيفتح الفم ويتسرب معظم الصوت الصاعد من التجويف الحنجري عن طريق الأنف وفجأة تنطبق الشفتان إيذانا بتكون حرف الباء ومخرجه الشفتان ، فيلتبس الأمر على السامع الذي لا يدقق بأن هناك ميما مقلوبة من النون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين نتجت من مجاورتها لحرف الباء لاجتماع صوت الغنة وهو الصفة المشخصة لهذه النون ، ومخرج الشفتين الذي ينطق منه حرف الباء ، وهو ما يوهم السامع غير المدقق في واقع الحال وجود الميم ، وهذا الوهم جعل بعض القدماء منة علمائنا الأجلاء يؤكدون وجود الميم في هذا الموضع من السياق الأدائي ، ويبحثون عن الأسباب الصوتية الملجئة لقلب وتحويل هذه النون إلى ميم ـ كما يزعمون ـ إذا تلاها حرف الباء ، فمن ذلك قولهم ـ مثلا ـ إن الميم مؤاخية للباء لأنها من مخرجها ، ومشاركة لها في الجهر ، والميم أيضا مؤاخية للنون في الغنة وفي الجهر ، فلما وقعت النون قبل الباء ، ولم يمكن إدغامها في الباء لبعد ما بين مخرجيهما ، وبعد إظهارها لما بينهما من الشبه ، ولما بين النون وأخت الباء من الشبه وهي الميم ، أبدلت منها حرفا مؤاخيا لها في الغنة ، ومؤاخيا للباء في المخرج وهو الميم . وإنما وجب القلب عندهم ـ في هذه الحالة ـ لأنه لم يحسن الإظهار حيث يستلزم الإتيان بالغنة في النون والتنوين ، ثم إطباق الشفتين من أجل النطق بالباء عقب الغنة مباشرة ، وفي كل هذا عسر وكلفة ، وكذلك لم يحسن الإدغام لبعد المخرج ، وفقد السبب الموجب له ، ولما لم يحسن الإظهار ولا الإدغام تعين ـ في رأيهم ـ الإخفاء ، ثم توصل إليه بالقلب لمشاركتها للباء مخرجا وللنون غنة . وهذا التعليل الذي نجده عند القدامى من علماء اللغة العربية والنحو [12] [12] والقراءات[13] [13] تفسيرا لهذه الظاهرة الصوتية إنما أرادوا به التأكيد على حصول هذا القلب والتحويل للنون الخفيفة ( الساكنة ) والتنوين ميما . وهو ممكن فقط من الناحية الفنولوجية بيد أنه غير متحقق من الناحية الصوتية النطقية ، ويستلزم الجمع بين متناقضين :ـ  أما الأول :ـ فإنه يقتضي أن قلب هذه النون أو تحويلها إلى ميم خالصة إنما انبنى من جهة على ما بين النون ( من حيث الأصل ) والميم من الاتفاق في الجهر والغنة ، وكذا على ما بين الميم ( من حيث الأصل ) والباء من الاتفاق في المخرج والجهر من جهة أخرى ، ولكننا لو دققنا في المسألة جيدا من الناحية الصوتية النطقية ، وفي الصور الطيفية الملحقة بهذا البحث ، وفي النتائج التطبيقية المعملية فلن يستقيم كثير من هذه الأمور ، فالنون هذه ـ كما سبق ـ ليست هي النون التي يتحقق لها المخرج والصفة ، وإنما هي نون الغنة التي حذف مخرجها ، وبقيت صفتها الجوهرية المشخصة لها ، وكذلك الميم المقلوبة ـ وإن سلمنا بذلك ـ ليست هي تلك الميم التي لا بد أن يتحقق لها المخرج والصفة ، وإنما هي الصفة الباقية من غنة النون التي فقدت المخرج ، وبقيت غنة عالقة بالخيشوم ، أعقبها إطباق للشفتين ليتسنى النطق بحرف الباء . وهذان الإجراءان النطقيان يتحققان ـ تقريبا ـ عند النطق بحرف الميم في اللغة العربية ، فتوهم السامع القديم وجود حرف الميم في هذه الحالة وليس الأمر كذلك ، وهذا ما يجعلنا نرجح أن هذه النون لم تقلب في هذا الموقع ميما خالصة تعويضا صحيحا بحيث لم يبق لها أثر في الكلام ـ كما يقولون ـ ، ونزعم بدلا من ذلك أن هناك طريقا آخر للنطق بها ، إذ بقي منها شطر في الكلام ، وهو الغنة ، وهي الصفة الجوهرية المشخصة لهذه النون ، وفقد منها فيه الشطر الآخر ، وهو المخرج ، بمعنى أننا لا نجعل في هذه الحالة طرف اللسان يلتصق بما يقابله من مقدم الحنك ، وإنما نجعل الصوت يمر من الأنف لكي ننطق الغنة التي هي الصفة الملازمة لهذه النون . وبهذا الإجراء الصوتي النطقي تكون النون قد حذف منها 50 % وهو مخرج ، وبقي منها 50 % وهو الصفة ، ونعني به الغنة ، وبعيد الفراغ مباشرة من نطق الغنة نبدأ في نطق حرف الباء في الأمثلة التي معنا . فالمسألة بمجملها ليس فيها قلب لهذه النون ميما خالصة تعويضا صحيحا بحيث يلزم إظهار غنة الميم ، ولا إخفاء لها عند النطق بالباء ، ولئلا تدغم فيها للتقارب ، وإنما هو مسألة تزامن في النطق ـ كما توضحه البيانات والنتائج لمسلك صويت الغنة حينئذ المرفقة بهذا البحث ـ ، وهذا لا يعني بأي حال الخروج على أقوال القدماء من اللغويين والنحاة وأصحاب القراءات ، ولكنه نظرة مختلفة عنهم في التحليل والتفسير لظاهرة صوتية حقيقية ، وحكم تجويدي قرروه . وقد وظفت فيه المعطيات الصوتية والفسيولوجية خدمة لعلم التجويد وعلم القراءات ، فمن تلك المعطيات الصوتية ـ مثلا ـ مقولة عائلة الفونيم ، وما حدث في هذه الظاهرة الصوتية المنطوقة بإزاء الحقيقة الفنولوجية من اختلاف ـ كما سبق ـ يرجع في أساسه إلى حقيقة أفراد الفونيم ، ففونيم النون كأي حرف لغوي له صورة ذهنية ، وأخرى صوتية ، وقد تتعدد الصور الصوتية للحرف اللغوي ( الفونيم ) ، والنون كفونيم لها صور صوتية عدة ، صورة في حالة الإظهار ، وثانية في حالة الإدغام بدون غنة ، وثالثة في حالة الإدغام بغنة ، ورابعة في حالة الإخفاء ، وخامسة في حالة الإقلاب … وهكذا ، وبما أن فونيم النون يتكون من مخرج ، وهو طرف اللسان بالتصاقه بأصول الثنايا ، وصفة ، وهي الغنة التي تخرج من الخيشوم ، ففي حالة الإدغام بغنة والإخفاء لا يبقى من النون إلا الصفة ، وهي الغنة ، وعلى ذلك فهذه الغنة هي الممثل للنون بمعنى أنها صورة من صور فونيم النون ، وهذا الواقع الصوتي لا يتغير بالنسبة للنون ، وتنفيذه فسيولوجيا كما سبق يقتضي :ـ إسقاط عمل الفم مع النون والذي يتحقق به جوهرها ، وأصل بنيتها ، وذلك دون تعويض غنة بإطالة زمن النطق بالحرف التالي ، وهذا ما نعنيه بفقدان المخرج ، وهو شطرها الأول ، وحينئذ يبقى شطرها الآخر إذ يتسرب الصوت الصاعد من التجويف الحنجري عن طريق البلعوم عبر التجويف الأنفي ، وهو صوت الغنة ، ثم إن هذه الغنة هي جزء من النون أصيل لا يفارقها ألبتة في الأحوال العادية، غاية ما في الأمر أن زمنها ( الغنة ) هو الذي يتفاوت كمه الزمني ، وتختلف مدته الزمنية ، فهو قصير مع بعض الحروف التي يؤتى بها منطوقا بين يدي الحرف التالي ، كما في حالات الإظهار ، وطويل في باقي الحالات من الإدغام والتشديد والإخفاء ـ كما أوضحنا ذلك في بحثنا عن الكم الزمني لصويت الغنة في الأداء القرآني [14] [14] ، وفيما عرضناه من نتائج حول مدته وتردده إذا تلته الباء فيما سبق من صفحات يغني عن إعادة القول فيه ههنا .


 

 الخاتمـــة :

بعد هذه الدراسة التطبيقية لمسلك صويت الغنة في الأداء القرآني من خلال قراءة ثلاثة من القراء المجيدين للقرآن الكريم فيما يسمى في كتب القراءات بـ ( ظاهرة قلب النون الساكنة والتنوين ميما ) ، نتبين ـ بجلاء ـ  أن هناك خلافا بيننا ـ كما تكشفه هذه الدراسة ـ وبين القدما من علماء اللغة العربية والنحو والقراءات ومن سار على نهجهم من المتأخرين حول حقيقة وجود هذه الظاهرة في الأداء الصوتي لحروفها في اللغة العربية كما نص عليه القدماء ؛ حيث يجزمون بقلب النون الساكنة والتنوين ميما عند التقائها بالباء، ولسنا مع مذهب القدماء في هذه المسألة الصوتية ، ولا نوافق على تعليلهم الذي ذكروه حول مقتضيات هذا القلب الصوتي للنون الساكنة والتنوين ميما حينئذ ، ونميل إلى تعليل آخر ، وتفسير صوتي يوافق ـ من وجهة نظرنا ـ المنطق العلمي ، ويساير الإجراءات اللغوية في هذا الشأن ، مستفيدا من المعطيات الفسيولوجية للجهاز النطقي عند حدوث هذه الظاهرة ، ومؤسسا نتائجه على الحقائق المادية التي تمدنا بها الأجهزة والمعامل الصوتية التي تتعامل مع الصوت الإنساني كظاهرة صوتية مادية ، ونعتقد أن هذا التعليل الذي نراه ، وهذا التفسير الذي نقدمه في هذه الدراسة هو أسهل ـ في رأينا ـ من تعليلهم  وتفسيرهم ، وأقرب إلى الإقناع بالحجة ، وأميل إلى استعمال البرهان في تأكيد حقيفة ما حدث .       

 

 


الهوامش والتعليقات :

 1. ابن الجزري ، أبو الخير محمد بن محمد. النشر في القراءات العشر . دار الفكر . ج2/22 وما بعدها.

        2. سيبويه ,  أبو بشر عمرو بن قمبر . الكتاب . المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق ـ مصر . سنة 1316هـ. ج2/414 وما بعدها. 3.

       3. القيسي، أبو محمد مكي بن طالب . ط2. سنة 1401هـ. مؤسسة الرسالة . 1/165.

       4. المرصفي,عبد الفتاحالسيد عجمي . هداية القاريء إلى تجويد كلام الباريء . ط1سنة 1402هـ. دار النصر للطباعة الإسلامية ـ شبرا ـ مصر . ص ص : 168 وما بعدها.

       5. جهاوي، عوض المرسي. ظاهرة التنوين في اللغة العربية . ط!سنة 1403هـ. مكتبة الخانجي بالقاهرة، دار الرفاعي بالرياض ص : 46وما بعدها.

       6. الهداية. ص : 169.

       7. الداني، أبو عمرو عثمان بن سعيد. التحديد في الإتقان والتسديد في صنعة التجويد . تح. د/أحمد عبد التواب الفيومي ، ط1سنة 1993م، مكتبة وهبة ـ القاهرة . ص : 243.

      8. الكشف 1/165.

      9. التحديد ص : 223 .

    10. النشر 1/201. 

    11. الكتاب2/405.

    12. نفسه 2/497. 

   13. الكشف 1/165 وما بعدها.

  14. مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها ، ج13 ، ع21 ، رمضان 1421هـ.  الكم الزمني لصويت الغنة في الأداء القرآني . د/ يحيى بن علي المباركي . ص ص : 955 ـ 1057 .         

 


 

        المصادر والمراجع :ـ 



 



[1][1] . ابن الجزري ، أبو الخير محمد بن محمد . النشر في القراءات العشر . دار الفكر . بيروت ـ لبنان . ج2/22 وما بعدها .

[2][2]  . سيبويه ، أبو البشر عمرو بن قنبر . الكتاب . المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق ـ مصر . سنة 1316هـ. ج2م414 وما بعدها .

[3][3]  . القيسي ، أبو محمد مكي بن أبي طالب . مؤسسة الرسالة ـ بيروت . ط2 سنة 1401هـ. 1/165 .

[4][4]  . المرصفي ، عبد الفتاح السيد عجمي . هداية القارىء إلى تجويد كلام البارىء . دار النصر للطباعة الإسلامية ـ دار شبرا ـ مصر . ط1 سنة 1401هـ. ص ص : 168 وما بعدها .

[5][5]  . جهاوي ، عوض المرسي . ظاهرة التنوين في اللغة العربية . مكتبة الخانجي بالقاهرة ، دار الرفاعي بالرياض . ط1 سنة 1403 هـ. . ص : 46 وما بعدها . 

[6][6]  . الهداية . ص : 169 .

[7][7]  . الداني ، أبو عمرو عثمان بن سعيد . التحديد في الإتقان والتسديد في صنعة التجويد . تح. د. أحمد عبد التواب الفيومي . ط1 سنة 1993 م . مكتبة وهبة ـ القاهرة . ص : 243 .

[8][8]  . الكشف 1/165 .

[9][9]   . التحديد ص : 223 .

[10][10]  . النشر 1/201 . 

[11][11]  . الكتاب 2/405 .

[12][12]  . نفسه 2/497 .

[13][13]  . الكشف 1/165 وما بعدها .

[14][14]  . مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها . ج13 ، ع21 ، رمضان  سنة 1421 هـ. "الكم الزمني لصويت الغنة في الأداء القرآني " . د. يحي بن علي المباركي . ص ص : 955ـ 1057 . 


آخر تحديث
4/10/2010 10:36:41 AM