إضطرابات الكلام وعلاج عيوب النطق

                                               بسم الله الرحمن الرحيم

اضطرابات الكلام وعلاج عيوب النطق

يمكن  النظر إلى علم عيوب النطق من زاوية ذلك الإنسان غير العادي أو الشاذ حينما نضع مقاييس ، ونعد الكلام العادي أو الطبيعي هو الذي يكون واضحا ومفهوما للسامع ، والصوت عند النطق مرتفعا بدرجة كافية ، ومقبولا كذلك للأذن ، ومن جهة أخرى ينبغي أن يتمتع المتكلم بسهولة وبسرعة حسبما تقتضي الظروف. ويتمايز الكلام العادي باختلاف المتكلم ؛ حيث يستلزم أن يكون متفقا ومتناسقا مع عقليته وعمره ونموه الجسماني ، فإذا عددنا أن عكس هذه العوامل هي الأسس الخاصة بالكلام المضطرب فمعنى ذلك أن اضطراب الكلام يصبح غير واضح ولا مفهوم للسامع . كما أن عيوب الكلام تعني ـ ببساطة ـ كون الكلام غير مقبول ولا مستساغ من النواحي السمعية والكلامية ، أو من جهة صعوبة إنتاجه ، وكذا إذا غدا غير متماش مع عقلية المتكلم وعمره أو جنسه ونموه الجسماني. ومن هنا يحسن بنا أن نعرف الفرق بين ما يسمى باضطراب الكلام وعيوبه ؛ فالكلام المضطرب عدم قدرة المتكلم على السير على ما تقتضيه قوانين اللغة المنطوقة في الأداء ؛ بأن يكون هناك وقف ممل ، وسرعة في النطق مخلة بإيصال المعنى ، وعدم تقيد بقواعد أدائية يلتزم بها أهل اللغة المنطوقة ... ، أما عيب الكلام فهو عدم قدرة المتكلم على جعل كلامه مفهوما عند السامع سواء أكان بسبب عيوب في أعضاء النطق أم لا ؛ وبناء على ذلك فإن الاضطراب في الكلام يشمل أسبابه والنتيجة السمعية المترتبة عليه ، أما العيب في الكلام فإنه يتعلق بالنتيجة فقط . ومن ثم فقد يوجد عيب في الكلام بدون أن يكون هناك اضطراب فيه ، أما جميع أنواع الاضطرابات فإنها تشمل عيبا في الكلام.

                                           أسباب اضطرابات الكلام 

يمكن إرجاع اضطرابات الكلام إلى عاملين رئيسين هما:

            1. عامل جسماني متصل بأعضاء النطق من الناحية الخِلْقية ؛ ككبر ـ مثلا ـ أنف المتكلم عن المعتاد .

            2 . عامل نفسي متصل بوظائف الأعضاء ، أو فسيولوجي ؛ عدم قدرة المتكلم على تخليص أصوات لغته من صوت الغنة نتيجة لكبر هذا العضو عن الوضع المعتاد.

أجزاء الجهاز النطقي

                                           أنواع اضطرابات الكلام

لاضطرابات الكلام أنوع كثيرة لعل أظهرها :

 أ . عيوب النطق : مما ينشأ عنه غموض في الكلام ، وعدم بيان ؛ نتيجة فشل المتكلم في إنتاج الأصوات الكلامية التي تعارف عليها أهل اللغة المنطوقة ؛ كأن يكون غير قادر على إعطاء كل حرف فيها ما يستحقه أداء ( من حيث المخرج  والصفة ) .

 ب. اضطرابات الصوت : ومن مظاهره الفشل الواضح في إنتاج الصوت متفقا ومتماشيا مع متطلبات اللغة المنطوقة ؛ كأن يكون ذلك الصوت غليظا أو أجش مبحوحا ، أو منخفضا باهتا ، أو حادا شديدا ، أو يخرج جله من الأنف أو عكسه .

ج . احتباس الكلام : ومن نتائجه عدم قدرة المتكلم إيصال المعنى الذي يريده للسامع .

د. التمتمة والتلعثم : كأن يكرر المتكلم الصوت نفسه بعد نطقه ، وكذا عدم قدرة المتكلم على النطق بنغمة واحدة ، والتردد في نطقه.

                                           أ . عيوب النطق وأسبابها

 النطق السليم لأصوات اللغة المُتَكَلَّمَة يستلزم جهازا نطقيا سليما في أصل خلقته ، وكذلك في مجموعة الأعصاب التي تحركها في وضع سليم ؛ لأن أي خلل خِلْقي في هذه الأعضاء ، أو فشل في قدرة الأعصاب المحركة لها سيؤثر ـ سلبا ـ عليها ؛ فيجعلها عاجزة عن التكيف والتغيير حسبما تقتضيه الهيئآت المختلفة لأوضاع أجزاء هذا الجهاز عند النطق ؛ مما ينشأ عنه عدم التكيف السليم للتنفس فيصبح عيبا يلقي بظلاله على إنتاج الأصوات المستعملة في الكلام ، وينجم هذا الفشل ـ غالبا ـ من العوامل الآتية :

1. وجود عيوب خِلْقِية في أعضاء الجهاز الأصواتي عند المتكلم ، أو عدم تناسقها مع بعضها بعضا .

2 . عجز الأعصاب المُحَرِّكة لأعضاء الجهاز النطقي عن القيام بوظيفتها .

3. عادات نطقية مكتسبة غير صحيحة ؛ يحصل عليها المتكلم من مجتمعه ، ويتلقفها من المخالطين له .

فمن الأسباب الخِلْقِيَّة ـ مثلا ـ : تلك التشوهات الخلقية التي يُفْطَرُ الإنسان عليها ؛ كأن تكون أسنانه متراصا بعضها على بعض ، أو بينها خلل معيب ، أو فكه الأسفل أصغر من فكه الأعلى ، أو العكس ، أو تكون شفتاه صغيرتين أو كبيرتين عن الوضع المعتاد ، أو تكونا مشقوقتين ، أو معرضتين للتشقق نتيجة التهابات مزمنة ، أو لسانه صغيرا أو كبيرا عن الوضع المعتاد ، أو مفلطحا ، أو أنفه كبيرا أو صغيرا عن الوضع المعتاد ، أو لديه التهابات متكررة في أنفه ، أو لحمية تؤثر على نطقه أصوات لغته ، أو يعاني من التهابات مزمنة في حلقه أو بلعومه ، أو يجد صعوبة في تنفسه نتيجة التهابات في رئتيه ، أو عدم قدرة عضلتي الحجاب الحاجز وعضلات البطن عن القيام بوظائفها على الوجه المطلوب . هذه العيوب العضوية وغيرها كثير تؤثر ـ سلبا ـ على إنتاج أصوات اللغة كل بقدره ، والنتيجة دائما خلل وفشل في النطق السليم .

 ومن الأسباب الفسيولوجية :

 أ .  ظاهرة عسر الكلام : لأن أعضاء النطق تقع تحت سيطرة أعصاب أخرى صادرة من الأعصاب المركزية ومن المخيخ ، وينجم عن أي اضطراب في هذه المراكز عيوب في النطق تعرف بعيوب ( عسر الكلام ) ، وهي ليست أمراضا ؛ بل تعد أعراضا لمضاعفات قد نشأت عن اضطراب أجهزة الأعصاب ، وتأتي نتيجة الأورام والالتهابات الدماغية ، وأمراض مجاري الدم والأمراض التي تصيب مراكز المخ المسيطرة على أجهزة النطق والحركة ، وينبغي أن يعرف أن إخراج الأصوات اللازمة للنطق يستلزم مجموعة من الأعصاب ذات كفاءة نستطيع بها تتفاعل ـ على وجه مقبول ـ مع الموجات والأوامر التي تصلها من مراكز الكلام الموجودة في الدماغ ، وله مظاهر أهمها :

 1. أخطاء إبدالية : وهي إبدال حرف بآخر كإبدال حرف الراء بحرف اللام ،والعكس، أو جعل الزاي سينا ،والتاء طاء ، والعكس ... وهذه أخطاء شائعة ـ بشكل عام ـ بين الأطفال الصغار .

2 . أخطاء ناشئة عن عيوب خاصة بعسر واضح في حركات اللسان ، وعدم القدرة على تحريكه في أوضاع صحيحة أثناء النطق ؛ مما ينجم عنه اضطراب في نطق الحروف ، ومن مظاهره : ميل اللسان في أحد جانبي الفم مما ينشأ عنه نطق الراء لاما كما في نطق ( كرة ـــــ كلة ) .

3. أخطاء ازدواجية : وتنشأ نتيجة خلط المتكلم بين حروف لغتين أو أكثر يتكلم بها جميعا ، كما يحصل في طفل ما أبوه عربي ، وأمه انجليزية ـ مثلا ـ والعكس .

4. أخطاء ناشئة عن حذف بعض الحروف من أواخر الكلمات .

5. أخطاء ناشئة عن عدم القدرة على الضغط على بعض الحروف بشكل كاف مما ينجم عنه اضطراب في نطقها وذلك كالطاء والقاف واللام والراء والصاد والزاي في اللغة العربية .

ويمكن  مساعدة مَنْ يعانون من هذه الظاهرة إذا عرفنا ـ بدقة ـ سبب المشكلة ، وتأخذ هذه المساعدة أشكالا عديدة لعل أهمها :

1 . تمرينات رياضية تساعد أعضاء الجسم ـ عامة ـ  وأعضاء الجهاز التنفسي ـ خاصة ـ على أن تكون في وضع صحي لائق .

2 . تمرينات في الاسترخاء البدني ؛ تساعد صاحب المشكلة على أن يتحكم في حالته الانفعالية نتيجة لهدوء أعصابه .

3. بعد ذلك تبدأ معه التدريبات التي تتصل بمخارج حروفه في جهازه النطقي ؛ وينبغي أن تُعطَى له بشكل تدريجي ؛ كأن نبدأ بتمرين أعضاء نطقه بأخذ الشهيق والزفير، وتنظيم إخراج النفس ، وتحريك لسانه وفكيه وشفتيه ... وهذا لأنا نرمي إلى إكساب هذه الأعضاء ثقة في أن تتحرك بمرونة وانسيابية في حركاتها المختلفة .

 ب . إصابات المخ : وينشأ عنها اضطراب في الكلام ؛ كأن يندفع الكلام فجأة كالطلقة الواحدة ، أو يكون مصاحبا بلجلجة تشبه ـ إلى حد ما ـ كلام الثَّمِل ، أو لا يستطيع التحكم في أعضاء نطقه أثناء الكلام فيضغط على مقاطع كلامه دون مبرر، أو يخلط بين حروف لغته دون تمييز ، ويتركز نطق من يعانون من هذه المشكلة على نطق الكلمات المفردة ، ويجدون صعوبات جمة وحقيقية في نطق الكلام الطويل وغالبا ما يكون مصاحبا بتقلص شديد في عضلات الوجه .

ج. الإصابات في النخاع المستطيل : إن الأعصاب المتصلة بالنخاع لها تأثير مباشر في توجيه الأعصاب المستعملة في الكلام مثل الأعصاب الخاصة بحركة اللسان والشفتين ؛ ومن الملاحظ أن أي إصابات في هذه الأعصاب ينشا عنه عادة صعوبة في نطق الحروف وعدم القدرة على إبانة الكلام ، وكلما كانت الإعاقة عظيمة فإن الكلام قد لا يكون مفهوما .

                                   

                                            اضطرابات الصوت

العناصر الضرورية لإصدار الأصوات في الجهاز النطقي ـ من الناحية ـ المنطقية العلمية تتلخص في :

1. عضو الاهتزاز.

2 . مصدر قوة يحرك عضو الاهتزاز .

3 . وسيلة صالحة تصل إلى جهاز الاستقبال .

4 . وجود أعضاء تساعد على الرنين .

ويصدر الصوت خلال حركة الزفير ( أي طرد النفس من الرئتين ) ، وهذا هو مصدر القوة ، ومروره تحت الضغط داخل القصبة الهوائية إلى الحنجرة ، وعندئذ يُدْفَعُ خلال غضاريف الحنجرة والفتحات الضيقة الموجودة بين الحبلين الصوتيين ( الهزاز ) ، وبهذا يتكوَّن الصوت الخام ، ثم بعد ذلك يذهب إلى التجاويف الواقعة فوق الحنجرة بما فيها الحلق والبلعوم والفم بكل ما فيه و الأنف فيتكون الحرف ومنه نصنع الكلام . وكل اضطراب في الصوت مرده إلى وجود خلل في طريقة دفع النفس أو الهزاز ، وعيب في طريقة الاهتزاز ، أو عيب في تكوين نغمة الصوت وفق رنينها المناسب لها . ولا بد أن يكون الصوت العادي مسموعا بدرجة كافية حسب المواقف المختلفة ، كما ينبغي أن يكون ذا أثر يتوافق مع سن وجنس المتكلم ، واضحا ومتفاوت في درجاته من حيث الضخامة والقوة والجرس ليسهل سماعه وتلقيه. وعليه فإن أي خلل يصيب هذه المميزات تعتبر عيبا ونقصا في الكلام . ومن هذه العيوب التي قد تصيب الكلام :

1. خفوت الصوت أو ضعفه : ومن مظاهره عدم الارتفاع الكافي عند الكلام ؛ وينشأ عنه صعوبة الفهم لما يقال في الحديث العادي .

2. وجود الفجوات في نغمات الصوت : ومن مظاهره أصوات مرتفعة جدا بمجاورة أخرى منخفضة جدا ، والنتيجة عدم توافق في نطق الأصوات .

3. اختلاف الجَرْس : ومن مظاهره عدم تمييز مقاطعه وحدود؛ مثل كلام المبحوح ، والأجش .

4. خلو الصوت من التباين والاختلاف في درجاته : فبمقدار وجود تباين واختلاف بين درجاته ؛ بمعنى ارتفاع وانخفاض فيها يصبح الكلام مفهوما والعكس بالعكس صحيح أيضا، كما ينبغي أن يكون الكلام متلائما مع ما يقتضيه من معان فكرية وعاطفية ، فإذا لم يتوفر في الكلام تلك الاعتبارات النطقية والمعنوية عُدَّ مضطربا وغير ذا قيمة.                                   

5. الاضطراب في الجرس : ومن مظاهره عدم التحكم في أعضاء النطق بطريقة طبيعية سليمة ؛ كاستخدام الفم في نطق الأصوات الأنفية والعكس .

   والصوت يصبح مضطربا إذا كان متصفا بأحد العيوب المخلة السابقة أو أكثر ، وأسباب هذه الحالة تكون في العادة عضوية ، وقد يكون سببها وظيفيا ، ومن الأسباب العضوية لاضطرابات الصوت :ـ

 1. عيوب في طبيعة الحبال الصوتية التي يجب أن يتوافر فيها ما يلي :

أ. ينبغي أن تكون أطراف الاهتزاز الداخلية متوازية بعضها مع بعض .

ب . لا بد أن تكون الفتحات بين الحبال الصوتية أو فتحة المزمار ضيقة حتى لا تسمح بهروب النفس إلا تحت الضغط ، ولكن لا يصح أن تكون هذه الفتحات ضيقة جدا بحيث تعرقل الحركة السهلة لأطراف الاهتزاز للحبال الصوتية حينما يدفعها تيار النفس الآتي من الرئتين ، وإن أي خلل يطرأ على حركة أطراف الاهتزاز للحبال الصوتية يمنع توافقها أو توازيها لابد أن يسبب عيبا في الكلام ، وهذا الخلل يشمل ارتخاءها مما يقلل من الفتحة التي يمر النفس خلالها وكذلك تضخمها ؛ مما يعرقل حركة الاهتزاز .

أما أسباب هذه العيوب ؛ فهي إما تكون وراثية أو مكتسبة ، أو أن تكون باثولوجية ، وتشمل العيوب الأخيرة أمراض الشلل والزهري والسل والأورام وكذلك الإصابات . وهذه الأخيرة قاصرة على الأطفال إذ أنهم يستنشقون الأشياء التي لا يستطيعون بلعها ، وبذا يكون لديهم مواد غريبة في حنجرتهم ، وينتج ذلك مضايقة هذه المواد للحبال الصوتية ، كما أن السعال الشديد ربما يسبب جروحا ينتج عنها حصول عيب في الكلام .

2 . عدم كفاية النفس : وينبغي توفر كمية النفس لكي يدفع الحبال الصوتية إلى الاهتزاز. وإن أي إخفاق كمية النفس اللازمة لذلك ‘يقلل من الضغط المطلوب لاهتزاز الحبال الصوتية التي تولد الصوت . وترجع أسباب عدم كفاية كمية النفس إلى أمراض الصدر ومنها السل الذي يعطل إحدى الرئتين أو جزءا منهما . كذلك ترجع إلى قلة نشاط أعصاب الحجاب الحاجز نتيجة لحصول شلل فيه ، فضلا عن المضاعفات الصدرية مثل تضخم القلب الذي يمنع تمدد الرئة بالقدر الكافي . ويلاحظ أن أصوات المرضى المصابين بالعوارض السابقة تكون ضعيفة ورفيعة لا تكفي حتى لاحتياجات الحديث العادي .

3. عدم القدرة على التحكم في أجهزة إخراج الصوت : وذلك عندما ما تكون أجهزة إخراج الصوت غير مرتبطة ببضعها ببعض ولا تستطيع أداء وظيفتها كما ينبغي لوجود اضطرابات في الأعصاب الخاصة بها ، نورد بعضا منها فيما يلي :

أ . تصلب أجهزة الصوت وشللها نتيجة لاضطرابات في أعصاب الحركة المركزية ، وينتج عن ذلك اقتراب الحبال الصوتية من بعضها بشكل لا يسمح للنفس أن يولد الاهتزاز المطلوب لحصول الكلام عند مروة بينها ، والنتيجة النهائية هي انعدام الصوت كلية ، ومن ناحية أخرى ؛ فإن حدوث اضطرابات ي أعصاب الحركة يؤدي إلى منع توافق الحبال الصوتية واقترابها بعضها من بعض بدرج كافية لحصول الاهتزازات ، وتكون النتيجة هي انعدام الصوت أو  خشونته أو بحته ، أو انخفاضه لدرجة يتعذر معها سماعه .

ب . قلق الصوت : ويتميز الصوت بالاضطرابات وعدم التناسق نتيجة لاضطراب حركة التنفس للمريض .

ج. التهابات المخ : وينشأ عنها صوت يشير إلى عدم التوافق بين الأعصاب ؛ فعند الكلام يعد التنفس الأساس الأول لإخراج الصوت اللازم لتكوين الحرف فيما بعد ، ولا يكون ذلك ممكنا إلا إذا لاءم المتكلِّم بين حركات أعصابه التي تحرِّك أعضاء جهازه النطقي حسب الاحتياجات الوظيفية اللازمة ، وأي متكلِّم لديه التهابات في الدماغ يصبح عاجزا عن تحقيق هذا التلاؤم ، وتغدو عملية التنفس هي المهيمنة على الكلام وليست هي المساعدة على إنجازه . وهكذا لا يستطيع المتكلِّم أن ينطق بوضوح وسهولة . ومن مظاهر ذلك : أن يصبح الصوت أنفيا ومرتجا ، ويصنَّف على أنه متفاوت في وضوح معالمه ؛ فعندما يشرع المتكلّم في  كلامه يبدو صوته طبيعيا بيد أنه يبدأ في الضعف وينخفض باطراد نتيجة لضعف كمية النفَس وتلاشيها.

د .أعراض الشلل وتأثيرها على المراكز العصبية في داخل الدماغ : وقد يتسبب ذلك باضطرابات في إنتاج الأصوات وذلك بتصلب في الحبال الصوتية ؛ ومن مظاهره : صوت عال أجش وممل .

هـ . التهابات الغدد : وتسبب تأثيرات سلبية على إنتاج الصوت نتيجة لأعراضها الواضحة على الأعصاب .

4. رتابة الصوت بتساوي درجاته وعدم وضوح رنينه : تعد التجاويف الواقعة فوق التجويف الحنجري ـ التي تتكوَّن من الحلق والبلعوم والفم بكل ما فيه والأنف ـ هي العامل الرئيس لتشكل الرنين في الصوت واختلاف نغماته ، وأي خلل في هذه التجاويف يؤثر سلبا ـ بقدره ـ على إنتاج الصوت ثم الحرف بعد ذلك ؛ فقد وُجِد بالبحث والدراسة أن مدى وضوح الصوت وظهور معالمه وقوته تعتمد على حجم هذه التجاويف وتناسق أجزائه ،  وقدرتها على تغير أشكالها في أوضاع مختلفة ؛ فهناك أجزاء من هذه الأعضاء متحركة ، وأخرى ثابتة ؛ فالأنف والفك العلوي والأسنان ـ مثلا ـ متحركة ، في حين تُعَد أجزاء من البلعوم والحلق والشراع الخلفي للفم والفك السفلي واللسان والشفتان أعضاء متحركة ، وتغير أشكال هذه الأجزاء من هذه الأعضاء يؤدي إلى تكوّن الصوت والحرف بعد ذلك ، وسهولة تشكيل نغمات الصوت واختلاف ألحانه ، وتنشأ عيوب الرنين في الصوت ـ غالبا ـ من الخلل في نمو هذه الأعضاء من أصل الخِلْقة ، أو نتيجة لعيب في الوظيفة الفسيولوجية في الكلام ؛ ولعل من النوع الأول : النمو غير الطبيعي لبعض هذه التجاويف الذي يأتي نتيجة التهابات في اللوزتين والجيوب الأنفية ، ومشكلات الزوائد اللحمية التي تعوق هذه التجاويف عن تغيير شكلها حسب ظروف الحال لإخراج النغمات الصوتية حسب مقتضيات الحال ، وأثر هذه الزوائد وهذه العوائق تقليل الفرصة أمام الصوت الصاعد من التجويف الحنجري التسرب من خلال فتحات هذه التجاويف أو سدها تماما ، ويحدث ذلك في الأنف والحنجرة مثلا ، ومن هنا لا تستطيع هذه التجاويف القيام بوظيفتها في الرنين باختلاف نغماته وتشكيل ألحانه ، فإذا كان لدى الشخص مشكلات في جيوبه الأنفية أو زوائد لحمية فمظاهر ذلك يصبح الصوت فاقدا لرنينه واختلاف نغماته وألحانه مع ما يمثله ذلك من عيوب في النطق بالحروف مع اختفاء واضح لصوت الغنة الملازم لبعض الحروف  كالنون واللام.

 

                                                مشكلة التمتمة                                 

إن المظهر الواضح لهذه المشكلة في الكلام هو فقدان القدرة ـ بشكل إرادي أو غير إرادي ـ على نطق بعض الحروف أو ترديدها ، ويبدو المصاب بهذه المشكلة وكأن لسانه قد حُبِس كلية عن النطق ؛ فلا يقدر على نطق الحروف أو بعضها ، وقد يجد بعض المتمتمين قدرة على إنتاج بعض الحروف أو اختلاطها مع بعضها بعضا دون أن يظهر عليهم أي أثر لصعوبة إخراجها. ويصاحب ذلك غالبا الثقل في النطق بعض التشنج العصبي في الأعصاب الخاصة بالنطق . وقد يشمل هذا التشنج أعصابا غير متعلقة بالكلام ، غير أنها أضحت كذلك بحكم العادة ؛ فمثلا قد يحرك بعض المتمتمين الأطراف والرأس وبعض أجزاء الجسم ، ويصاحب ذلك أيضا لدى المتمتمين ظاهرة فسيولوجية واضحة وهو اختلاف في مستوى تنفسهم العادي ؛ ففي الظروف العادية نسبة الشهيق إلى الزفير 1 : 5 ، وعند الكلام 1 : 6  ، أما النسبة عند المتمتمين فهي حوالي 1 : 2 ، والكلام العادي يحصل عند عمل الزفير . أما عند معظم المتمتمين فقد اتضح أنهم ينتهون من الزفير أولا ثم يحاولون خلال الشهيق . ومن ثم فإن كمية كبيرة من الجهود تبذل قبل بدء الكلام وعليه يحصل النطق قسرا بعد وقت وجيز .

            


آخر تحديث
4/10/2010 10:32:28 AM